Thursday, 7 April 2011

هكذا غنى السندباد

و ترجع يا سندباد
تُطوِّف عبر البحار
فهل تهجر البحر يوما, وتطعم خبز القرار؟
متى ذاك يا سندباد؟
متى ذاك يا سندباد؟
وقالوا: تعلمتَ من خوضك البحر؟
لا, ما تعلمتُ غيرَ الندم
وقالوا: وحزتَ الكنوزَ الكبار؟
وما حزتُ غيرَ الأسى والألم
وقالوا: ومَن يجتز البحر يرجعْ بدرِّ البحار
أنا اجتزتُهُ
وما عدتُ أحملُ غيرَ خواء المحار
أقول لكم
تغربتُ حتى نسيت ملامح وجهي القديم
تغربتُ حتى نسيتُ اسم أمي, واسم أبي
وأهلي, وكلَّ الأحباء, والأصدقاء
وحتى حبيبة روحي التي ذات يومٍ
أضاءت حياتي بأبهى ضياء
نسيتُ اسمها
وما عدتُ أذكر غيرَ التغرب عبر البحار
طوال الليالي, وطول النهار
فيومي عذابٌ, و ليلي سهاد
أنا السندباد
أنا السندباد
ويمضي الزمان
وتقضي حياتك يا سندباد
فيوما على جنح رخ, ويوما بواد يضم الأفاعي
ويوما تقاوم هوج الرياح, بواحدة من أقاصي الجزر
ويوما تصارع موج البحار, وأنت بقلب البحار
ويوما أسيرا بحبٍ بعيدٍ, تفتش عن لمحةٍ من أمل
ويوما, ويوما, ويوما, ويوما
تعذبتَ يا سندباد
تعذبتَ حتى مللتَ العذاب
وغيرك, حين يحل المساء, ويأوي الرجال إلى دورهم
يعانق أطفالَه في حنان
وغيرك لمَّا يحين الأوان
أوان اللقاء مع الأصدقاء
يروح هناك
ليدفنَ أثقالَ يوم طويل
مع النردِ, والشتمِ, والقهقهات
وتزهو الحدائق بالعاشقين
وبين الأزاهر والياسمين
يغني القمر
يُقبِّلُ ثغرَ المساء السعيد
وأنت حزين
هناك بعيد, بعيد
تُعانق ليلَ السهاد
هناك بقلب البحار
فهل تهجر البحر يوما
و َطعم خبز القرار؟
متى ذاك يا سندباد؟
متى ذاك يا سندباد؟

عبد المنعم عواد يوسف

No comments:

Post a Comment