Sunday, 3 April 2011

ليتنا لم نفترق



ليتنا لم نفترق
ليتني أسترجع عقارب الزمن علني أستعيد معك كل لحظة حب عشناها‏..‏
تمنيت لو أننا لم نحطم كل الأشياء الصغيرة التي أحببناها ونحن نفترق‏..‏
تمنيت لو بقي شيء من عطرك‏..‏ وشيء من جنونك وبعض الأوراق الصغيرة التي سطرنا فيها ذكرياتنا‏..‏
تمنيت لو أن الزمان عاد بريئاً كما كان‏..‏ ولو أن القلوب عادت وديعة كما كانت‏..‏ ولو أن طفلتي الصغيرة نامت علي صدري وألقت شعرها علي عيني وراحت في حلم طويل‏..‏
ليتنا نستطيع أن نسترجع زماننا الجميل‏..‏
كان من الصعب جدا أن نبقي معا‏..‏ وكان الأصعب أن يكون الفراق‏..‏
والناس تسأل أحيانا هل الفراق أن يبتعد حبيبان‏..‏ وأن ينشطر جسدان‏..‏ أن تنطفيء في سواد الليل شمعتان‏..‏
وأنا أقول إن الفراق تجربة من تجارب الموت‏..‏ وإذا كان النوم هو الميتة الصغري‏..‏ فإن الفراق تجربة رحيل أخري‏..‏ تخيل نفسك وأنت تودع إنسانا‏,‏ أسكنته القلب‏..‏ وتركت له كل المشاعر‏..‏
تخيل نفسك وأنت تترك أرضك لهذا المحتل الغاصب يحتلها شبراً شبراً‏..‏ إنه معك في كل شيء‏..‏ إذا سافرت‏ ،‏ أو مرضت‏ ، أو فكرت ، أو هاجرت‏ ، أو غفوت‏..‏ إنه يتسلل في الدماء دون أن تراه ،‏ ويخفق في الضلوع وأنت لا تسمعه‏ ،‏ ويشاركك الفكر وأنت لا تعرف‏..‏ إنك تراه في نومك وطعامك وحلمك‏..‏ وتراه في وجوه الناس كل ساعة وكل دقيقة‏.‏
هل تخيلت نفسك وأنت تبحث في ملامح الناس في الشوارع عن ملامح امرأة أحببتها وتري في كل هذه الوجوه شيئا منها ؟‏..‏ هل تصورت نفسك وأنت تري فيلما أو أغنية‏..‏ أو مدينة كاملة وأنت تفتش في كل هذه الأشياء عن امرأة سكنتك ومازالت ترفض الرحيل‏ ؟..‏
هل تخيلت نفسك وأنت في إحدي الحفلات أو اللقاءات وتلال من العطر تحاصرك‏,‏ ثم يتوقف بك الزمن والحياة عند نوع من العطر مازلت تشعر به لأنه عاش معك كل هذا العمر .‏
هل تخيلت نفسك وأنت تعيد ترتيب أشيائك الصغيرة ولاحت أمامك سنوات عمر طويل في صورة امرأة لم تستطع أن تلقي ما تبقي منها في زحام النسيان‏. ‏
هل يمكن لك أن تتخيل سنوات كاملة وهي تتهاوي أمامك كأنها بناء ضخم عصف به زلزال‏,‏ وتحول بين ليلة وضحاها إلي سحابات غبار وأطلال حزينة‏.‏
هذا هو الفراق‏..‏
أن تجد نفسك وأنت تودع حبيباً وقد غابت أمام عينيك كل الصور‏..‏ هذا الإنسان الذي شاركك كل هذا الزمن لن يكون لك بعد اليوم‏..‏
سوف تنام دون أن تسمع صوته‏..‏ وقد كنت لا تنام إلا بهذا الصوت‏‏
سوف تحلم ولن يكون شريكاً في أحلامك‏..‏ وقد كان يوماً كل أحلامك‏
سوف تكتب وتقرأ وتأكل وتحزن وتبكي‏..‏ وتموت‏..‏ وهو هناك بعيد عنك لا تعرف عنه شيئا‏ً ،‏ ولا تسمع منه أي شيء‏..‏ إنه بعيد مثل السحاب الذي تراه ولا تلمسه‏..‏ إنه بعيد مثل هذا الأفق الذي يحيطنا في كل شيء وإذا اقتربنا منه وجدناه سرابا سرعان ما يختفي ويغيب‏.‏
إن الفراق موت مبكر‏..‏ والحقيقة تقول إن الحب عندما ينتهي - ولا أقول يموت - يصبح عبئاً ثقيلاً علي الإنسان‏..‏ والحب ينتهي لأننا نتصافح ويودع كل منا الآخر ولا يراه‏..‏ ولكن النهاية في الحب لا تعني أبداً موته‏..‏ لأنه يختار جزءاً بعيداً في أعماقنا ويستريح فيه .‏.‏ إنه يرانا‏ ،‏ ويسمعنا‏ ،‏ ويسخر منا‏ ،‏ وفي أحيان كثيرة يشفق علينا‏..‏إنه قبر صغير يسكنه إنسان حي‏.‏
وهذا هو الفراق‏..‏ أن تنزع جزءا عزيزا من عمرك وتصافحه في لحظة وداع دامية‏..‏ وأنت لا تعرف متي تجمع بينكما الأيام؟
وهذا هو حالي الآن‏..‏ أراك كثيرا في نومي‏..‏ رغم أن أحلامي صارت قليلة‏
وأسمعك كثيرا حولي‏..‏ وإن كنت لا أراك‏
وأفكر فيك‏..‏ وأفكر بك‏..‏ وأتمني لو رجعت عقارب الزمن للوراء فأقول لنفسي ليتنا لم نفترق‏ .‏
لا أقول وداعاً
كلما رأيت امرأة تحمل ولو شيئا قليلا من ملامحك‏..‏ ابتسمت وأعدت ترتيب ملامحها لكي تبدو صورة منك ‏..‏
فإذا اقتربت منها اكتشفت أنني صنعت تمثالاً جميلاً يشبهك ولكنه بلا روح‏..‏ ولا نبض‏..‏ ولا حياة
فأحمل أوراقي وأنسحب‏ !‏
منقول .... من فاروق جويدة

1 comment:



  1. لقد قالوا : أعقل ما في الحب جنونه
    و قالوا أيضا: من جن بالحب فهو عاقل و من جن بغيره فهو مجنون

    أما الشاعر فاروق جويدة قال:
    "كثيراً مايحب الإنسان امرأة ويتمنى لو أسعدته .
    إن الرجل يموت في سبيل امرأة أحبها.
    قالت : ماذا تعني بالموت.
    قلت : الموت حباً.
    قالت : تشبيه سخيف أن يجتمع الموت مع الحب.
    قلت : لقد مات المجنون حباً.
    قالت : كان مجنوناً.
    قلت : كان أعقل العقلاء."

    ReplyDelete