الجنرال يكتبُ مذكّراته
نزار قبانى
1
| |
قَاتلتُ بالأَسْنَانْ
| |
كي أحملَ الماءَ إلى قبيلتي
| |
وأَجعلَ الصحراءَ بُسْتاناً من الألوانْ
| |
وأَجعلَ الكلامَ مِنْ بَنَفْسَجٍ
| |
وضِحْكَةَ المرأةِ مِنْ بَنَفْسَجٍ
| |
وثَدْيَها .. قِمَّةَ عُنْفُوانْ ...
| |
قاتلتُ بالسَيْفِ وبالقصيدَهْ
| |
كي أحمِلَ الحُبَّ إلى مدينتي .
| |
وأَغْسِلَ القُبْحَ عن الوُجُوه والجُدْرَانْ
| |
وأَجْعَلَ العَصْرَ أَقَلَّ قَسْوَةً
| |
وأَجعَلَ البحرَ أشدَّ زُرْقَةً
| |
وأجعلَ الناسَ ينامونَ
| |
على شَراشفِ الحَنَانْ ..
| |
3
| |
كَيْ أُشعلَ النيرانَ في ذاكرتي
| |
وفي ثياب مَنْ تَبقَّى من بني عُثْمَانْ .
| |
وأُقفَ الذُكُورَ عن إرهَابهمْ
| |
وأُنقذ النِسَاءَ من أقبية السُلطَانْ
| |
حَفِظتُ للكِلمةِ كبرياءَهَا
| |
ولم أُسَافِرْ مرَّةً واحدةً
| |
لأَمْدَحَ المأمُونَ ..
| |
أو لأمْدَحَ الخليفةَ النُعْمَانْ ...
| |
4
| |
قَاتلتُ خمسينَ سَنَهْ
| |
ودولةَ الإِنسانْ .
| |
لكنَّني اكتشفْتُ أَنَّ ما كتبتُهُ
| |
ليس سوى حَفْرٍ على الصَوَّّانْ ..
| |
5
| |
... وها أنا ، مِنْ بعد خمسينَ سَنَهْ
| |
تأكُلُني الأحزانْ
| |
قد تَرَكُوني خَلْفَهُمْ ،
| |
وفضَّلوا عبادَة الشيطَانْ ...
| |
تأكُلُني الأحزانْ
| |
لأَنَ مَنْ حاولتُ أَنْ أَجْعَلَهُمْ آلِهَةً ،
| |
قد تَرَكُوني خَلْفَهُمْ ،
| |
وفضَّلوا عبادَة الشيطَانْ ...
|
No comments:
Post a Comment