Friday, 24 June 2011

إلى اللّقاء


( باسم الصديق رجاء النقّاش ..، أبريل 1956 )

-------------

1

يا أصدقاء !

لشدّ ما أخشى نهاية الطريق

وشدّ ما أخشى تحيّة المساء

" إلى اللّقاء "

أليمة " إلى اللّقاء " و " اصبحوا بخير ! "

و كلّ ألفاظ الوداع مرّه

و الموت مرّ

و كلّ شيء يسرق الإنسان من إنسان !

2

شوارع المدينة الكبيره

قيعان نار

يجترّ في الظهيره

ما شربته في الضحى من اللّهيب

يا ويله من لم يصادف غير شمسها

غير البناء و السياج ، و البناء و السياج

غير الربّعات ، و المثلّثات ، و الزجاج

يا ويله من ليلة فضاء

و يوم عطلته

خال من اللّقاء

يا ويله من لم يحب

كلّ الزمان حول قلبه شتاء !

3

يا أصدقاء !

يا أيّها الأحياء تحت حائط أصمّ

يا جدوة في اللّيل لم تنم

لشدّ ما أخشى نهاية الطريق

أودّ ألاّ ينتهي ،

و لا يضيق

و يفرش الرؤى المخصّله السعيده

أمامنا .. في لا نهاية مديده

كأفق قرية في لحظة الشروق

و الأفق رحب في القرى حنون

و ناعم و قرمزي يحضن البيوت

و تسبح الأشجار فيه كالهوادج المسافره

يا ليتنا هناك !

نسير تحت صمته العميق

و نوره المضبّب الرقيق

جزيرة من الحياه

ينساب دفء زرعها على المياه

و لا تملّ سيرها .. يا أصدقاء !

4

اللّيل في المدينة الكبيره

عيد قصير

النور و الأنعام و الشباب

و السرعة الحمقاء و الشراب

عيد قصير

شيئا .. فشيئا .. يسكت النغم

و يهدأ الرقص و تتعب القدم

و تكنس الرياح كلّ مائدة

فتسقط الزهور

و ترفع الأحزان في أعماقنا رؤسها الصغيره

و ننثني إلى الطريق

صفّان من مسارج مضبّبه

كأنّها عندان قرية مخربه

تنام تحتها الظلال

وقد تمرّ مركبة

ترمي علينا بعض عطرها السجين

و ساعة الميدان من بعيد

دقاتها ترثي المساء

و تلتوي أمامنا مفارق ثلاثة ،

تمتدّ في بطن الظلام و السكون

و تهمسون :

" إلى اللّقاء ! "

***

اللّيل وحده يهون

وداعه يهون فالنهار ذو عيون ،

تجمّع العقد الذي انفرط

لكنّ دربنا طويل

و ربّما جزناه أشهرا و أشهرا معا

لكنّنا يوما سنرفع الشراع

كلّ إلى سبيل

فطهّروا بالحبّ ساعة الوداع !
...............................................

أحمد عبد المعطى حجازى

No comments:

Post a Comment