Thursday, 2 June 2011

من روائع طاغور



إيه أيها المجنون ،أيها السكران الفاتن
إن فتحت بركلة من قدمك ،أبوابك،و اصطنعت الجنون أمام الناس
إن فرغت محفظتك ،في ليلة واحدة ،و فرقعت أصابعك للتبصر هازئاً .
إن سلكت دروباُ غريبة ،و لهوت بالأشياء العقيمة ،دون عقل و بصيرة ،إن نصبت شراعك في مهب العاصفة ،لتحطم دفة سفينتك.
إن فعلت ذلك كله،فإني ألحق بك أيها الرفيق و أسكر و أتبع الشيطان .لقد أضعت أيامي و ليالي في صحبة الجيران العقلاء الشرفاء .
إن المعرفة الواسعة قد شيبت شعري ،و السهر الطويل قد جعل نظري قاتماً.
لقد سلخت أعواماً مديدة، في التنقيب على شوارد الأشياء و جمعها.
فلأسحق هذه الأشياء ،و لأرقص فوقها ولأقذف بها للرياح.
فإن منتهى السداد هو أن أسكر و أتبع الشيطان.
دع وساوس الضمير الملتوية كلّها تمحى ،و ذرني أضل طريقي بائساً.
لتجرفني جذبة من دوارٍ وحشي و لترم ِ بي بعيداً عن مراسي.
إن العالم آهل بالشرفاء ،و بالعاملين النافعين الأذكياء من الناس .
ثمة رجال يعدّون، في يسر ،في المقدمة ،و رجال جديرون بأن يلوهم.
فليكونوا سعداء نافعين ،و لأكن أنا مجنوناً نافل النفع
أنا أعلم أن نهاية كل سعي هي أن أسكر و أتبع الشيطان.
إنني أقسم بأن أتخلى ،منذ الآن، عن أي مطلب في منصب شريف لائق.
إنني أهجر اعتدادي بالمعرفة ،و بتمييزي للخطأ من الصواب .
سوف أحطم وعاء ذكرياتي .مبددا ًآخر قطرة من الدموع.
سوف أغوص في زبد الخمر الحمراء ،و أشعشع ففيه ضحكتي .أما مظاهر التهذيب و الوقار فلسوف أمزقها شرّ ممزق .
نعم يا رفيقي...
سوف أقسم يميناً غموساً بأن أصبح تافهاً سكران و أتبع الشيطان.

هذا النص مختار من( رابندرانات طاغور - روائع في المسرح و الشعر)
ترجمة بديع حقي
دار المدى للثقافة و النشر

No comments:

Post a Comment