إيه أيها المجنون ،أيها السكران الفاتن
إن فتحت بركلة من قدمك ،أبوابك،و اصطنعت الجنون أمام الناس
إن فرغت محفظتك ،في ليلة واحدة ،و فرقعت أصابعك للتبصر هازئاً .
إن سلكت دروباُ غريبة ،و لهوت بالأشياء العقيمة ،دون عقل و بصيرة ،إن نصبت شراعك في مهب العاصفة ،لتحطم دفة سفينتك.
إن فعلت ذلك كله،فإني ألحق بك أيها الرفيق و أسكر و أتبع الشيطان .لقد أضعت أيامي و ليالي في صحبة الجيران العقلاء الشرفاء .
إن المعرفة الواسعة قد شيبت شعري ،و السهر الطويل قد جعل نظري قاتماً.
لقد سلخت أعواماً مديدة، في التنقيب على شوارد الأشياء و جمعها.
فلأسحق هذه الأشياء ،و لأرقص فوقها ولأقذف بها للرياح.
فإن منتهى السداد هو أن أسكر و أتبع الشيطان.
دع وساوس الضمير الملتوية كلّها تمحى ،و ذرني أضل طريقي بائساً.
لتجرفني جذبة من دوارٍ وحشي و لترم ِ بي بعيداً عن مراسي.
إن العالم آهل بالشرفاء ،و بالعاملين النافعين الأذكياء من الناس .
ثمة رجال يعدّون، في يسر ،في المقدمة ،و رجال جديرون بأن يلوهم.
فليكونوا سعداء نافعين ،و لأكن أنا مجنوناً نافل النفع
أنا أعلم أن نهاية كل سعي هي أن أسكر و أتبع الشيطان.
إنني أقسم بأن أتخلى ،منذ الآن، عن أي مطلب في منصب شريف لائق.
إنني أهجر اعتدادي بالمعرفة ،و بتمييزي للخطأ من الصواب .
سوف أحطم وعاء ذكرياتي .مبددا ًآخر قطرة من الدموع.
سوف أغوص في زبد الخمر الحمراء ،و أشعشع ففيه ضحكتي .أما مظاهر التهذيب و الوقار فلسوف أمزقها شرّ ممزق .
نعم يا رفيقي...
سوف أقسم يميناً غموساً بأن أصبح تافهاً سكران و أتبع الشيطان.
هذا النص مختار من( رابندرانات طاغور - روائع في المسرح و الشعر)
ترجمة بديع حقي
دار المدى للثقافة و النشر
No comments:
Post a Comment