Friday, 26 April 2013

بين ... جبران و مي



 رسائل الحب، بين جبران خليل جبران، ومي زيادة، هو حب فريد في عصره، كذلك نادرًا

في تاريخ الأدب العربي، والعالمي.

لقد استمرت علاقة الحب بينهم، عشرين عامًا، دون أن يلتقيا إلا في علم الفكر والروح،

والأدب!

وكيف يلتقيا؟ وبينهما سبعة آلاف ميل، تفصل أجسادهم عن بعض، ومع ذلك كانا أقرب

قريبين وأشغف حبيبين.

نما حبهم، عبر مراسلة أدبية طريفة، ومساجلات فكرية؛ وروحية، ألفت بين قلبي

الأدبيين. وعلى الرغم من كل ما كُتب عن علاقات "جبران" الغرامية بعدد من النساء

أمثال "ماري هاسكل" و"ميشلين"، فإن حبه لمي كان الحب الوحيد الذي ملك عليه قلبه

وخياله.

أما هي فمع خفرها وتحفظها فقد صرحت عن حبها لجبران في مطلع رسالة 21 أيار

1921 حيث قالت:

(أحبك قليلاً، كثيرًا، بحنو، بشغف، بجنون، لا أحبك)






9 شباط 1919

يكتب لها جبران:

حضرة الأديبة والفاضلة الآنسة ماري زيادة المحترمة..

سلام على روحك الطيبة.. لقد استلمت أعداد من مجلات المقتطف التي تفضلّت بإرسالها.. فقرأتها وأنا بين السرور والإعجاب الشديد، ولقد وجدت في مقالاتك؛ سربًا من تلك الميول، والمنازع، التي طالما حامت حول فكرتي وتتبعت أحلامي، ولكن هناك مبادئ ونظريات أخرى وددت لو كان البحث فيها شفهيًا، ولكن بما أن القاهرة في مشارق الأرض ونيويورك في مغاربها ليس من سبيل إلى الحديث الذي أوده وأتمناه.


إن مقالاتك تبيّن سحر مواهبك، وغزارة إطلاعك وملاحة ذوقك في الانتقاء، والانتخاب، والترتيب. وتبيّن اختباراتك النفسية الخاصة، فالاختبار، أو الاقتناع النفسي يفوق كل علم وكل عمل، وهذا ما يجعل بحوثك أفضل ما جاء في اللغة العربية.

ولكن لي سؤال أستأذنك بطرحه لديك وهو هذا: ألا يجيء يوم ياتُرى تنصرف فيه مواهبك السامية من البحث في مآتي الأيام إلى إظهار أسرار نفسك واختباراتها ومخآبها النبيلة؟ أفليس الابتداع أبقى من البحث في المبدعين؟ ألا ترين أن نظم قصيده أو نثرها أفضل من رسالة في الشعر والشعراء؟ إني كواحد من المعجبين بك أفضل أن أقرأ لك قصيده في ابتسامة، من أقرأ لكِ رسالة في تاريخ الفنون المصرية، وكيف تدرجها من عهد إلى عهد ومن دوله إلى دوله، لأن بنظمك قصيده تهبينني شيئًا نفسيًا ذاتيًا، أما بكتابتك في تاريخ الفنون المصرية تدلينني على شيء عمومي عقلي؟ والفن هو إظهار ما يطوف ويتمايل ويتجوهر في داخل الروح.
مي..
ليس ماتقدم سوى شكل من الاستعطاف باسم الفن، فأنا أستعطفك لأني أريد أن أستميلك إلى تلك الحقول السحرية حيث سافو (1) وايليزابيت براوننغ (2) وغيرهن من أخواتك اللواتي بنين سُلّمًا من الذهب والعاج بين الأرض والسماء.

والله يحفظك للمخلص
جبران خليل جبران

ــــــــــــــــــ
(1) سافو شاعره اغريقيه لها تسع داووين من الشعر الغنائي والأناشيد
(2) ايليزابيت براوننغ شاعره بريطانية مبدعه تمتاز قصائدها بالعمق والرقة والنزعة الصوفية، وهي زوجة الشاعر الإنجليزي روبيرت براوننغ الذي أحبها من خلال قصائدها قبل أن يتعرف إليها وعندما زارها أحبته حبًا عارمًا جعلها تتغلب على مرض عضال كان قد أقعدها.



11 آذار 1925


.
.
.
من جبران إلى مي ..!!

لقد أعادت رسائلك إلى نفسي ذكرى ألف ربيع وألف خريف وأوقفتني ثانية أمام تلك الأشباح التي كنا نبتدعها ونسيرها مركبا إثر مركب .. تلك الأشباح التي ما ثار البركان في أوروبا حتى انزوت محتجة بالسكوت , وما أعمق ذلك السكوت وما أطوله ! .

هل تعلمين يا صديقتي بأني كنت أجد في حديثنا المتقطع التعزية والأنس والطمأنينة , وهل تعلمين بأني كنت أقول لذاتي , هناك في مشارق الأرض صبية ليست كالصبايا , قد دخلت الهيكل قبل ولادتها ووقفت في قدس الأقداس فعرفت السر العلوي الذي اتخذه جبابرة الصباح ثم اتخذت بلادي بلادا لها وقومي قوما لها .

هل تعلمين بأني كنت أهمس هذه الأنشودة في أذن خيالي كما وردت على رسالة منك ولو علمت لما انقطعت عن الكتابة إلي , وربما علمت فانقطعت وهذا لا يخلو من أصالة الرأي والحكمة .

جبران خليل جبران




من مي إلى جبران ...


صديقي جبران
لقد توزع في المساء بريد أوروبة وأمريكة , وهو الثاني من نوعه في هذا الأسبوع , وقد فشل أملي بأن تصلني فيه كلمة منك . نعم إني تلقيت منك في الأسبوع الماضي بطاقة عليها وجه القديسة حنة الجميل , ولكن هل تكفي الكلمة الواحدة على صورة تقوم مقام سكوت شهر كامل .

... لا أريد أن تكتب إلي إلا عندما تشعر بحاجة إلى ذلك أو عندما تنيلك الكتابة سرورا , ولكن أليس من الطبيعي أن أشرئب إلى أخبارك كلما دار موزع البريد على الصناديق يفرغ فيها جعبته ! .. أيمكن أن أرى الطوابع البريدية من مختلف البلدان على الرسائل , حتى طوابع الولايات المتحدة وعلى بعضها اسم نيويورك واضح , فلا أذكر صديقي ولا أصبو إلى مشاهدة خط يده ولمس قرطاسه .

... ولتحمل إليك رقعتي هذه عواطفي فتخفف من كآبتك إن كنت كئيبا , وتواسيك إن كنت في حاجة إلى المواساة , ولتقوك إذا كنت عاكفا على عمل ولتزد في رغدك وانشراحك إذا كنت منشرحا سعيدا .

مي زيادة


 من جبران إلى مي
نيويورك 26 شباط 1924

نحن اليوم رهن عاصفة ثلجية جليلة مهيبة، وأنت تعلمين يا ماري أنا أحب جميع العواصف وخاصة الثلجية، أحب الثلج، أحب بياضه، وأحب هبوطه، وأحب سكوته العميق. وأحب الثلج في الأودية البعيدة المجهول حتى يتساقط مرفرفاً، ثم يتلألأ بنور الشمس، ثم يذوب ويسير أغنيته المنخفضة.
أحب الثلج وأحب النار، وهما من مصدر واحد، ولكن لم يكن حبي لهما قط سوى شكل من الاستعداد لحب أقوى وأعلى وأوسع. ما ألطف من قال:

يا مي عيدك يوم
وأنت عيد الزمان

انظري يا محبوبتي العذبة إلى قدس أقداس الحياة، عندما بلغت هذه الكلمة ((رفيقة)) ارتعش قلبي في صدري، فقمت ومشيت ذهاباً في هذه الغرفة كمن يبحث عن رفيقه. ما أغرب ما تفعله بنا كلمة واحدة في بعض الأحايين! وما أشبه تلك الكلمة الواحدة برنين جرس الكنيسة عند الغروب! إنها تحول الذات الخفية فينا من الكلام إلى السكوت، ومن العمل إلى الصلاة.

تقولين لي أنك تخافين الحب.
لماذا تخفين يا صغيرتي؟
أتخافين نور الشمس؟
أتخافين مد البحر؟
أتخافين مجيء الربيع؟
لماذا يا ترى تخافين الحب؟

أنا أعلم أن القليل من الحب لا يرضيك، كما أعلم أن القليل في الحب لا يرضيني، أنت وأنا لا ولن نرضى بالقليل. نحن نريد الكثير. نحن نريد كل شيء. نحن نريد الكمال. أقول يا ماري إن في الإرادة الحصول، فإذا كانت إرادتنا ظلاً من أظلال الله، فسوف نحصل بدون شك على نور من أنوار الله.

لا تخافي الحب يا ماري، لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة، ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة.
اسمعي يا ماري: أنا اليوم في سجن من الرغائب، ولقد ولدت هذه الرغائب عندما ولدت. وأنا اليوم مقيد بقيود فكرة قديمة، قديمة كفصول السنة، فهل تستطيعين الوقوف معي في سجني حتى نخرج إلى نور النهار وهل تقفين إلى جانبي حتى تنكسر هذه القيود فنسير حرين طليقين نحو قمة جبالنا؟

والآن قربي جبهتك. قربي جبهتك الحلوة – ………………والله يباركك ويحرسك يا رفيقة قلبي الحبيبة.

جبران

لا بأس – على أنني أخشى بلوغ النهاية قبل الحصول على هذا الشرف وهذا الثواب.

لنعد هنيهة إلى ((عيدك)) أريد أن أعرف في أي يوم من أيام السنة قد ولدت صغيرتي المحبوبة. أريد أن أعرف لأني أميل إلى الأعياد وإلى التعييد.
وسيكون لعيد ماري الأهمية الكبرى عندي. ستقولين لي ((كل يوم يوم مولدي يا جبران))
وسأجيبك قائلاً: ((نعم، وأنا أعيّد لك كل يوم، وكان لا بد من عيد خصوصي مرة كل سنة)).




رسالة مي وجدانية صافية:

فبعد أن انتظرت دون جدوى، حضور جبران إلى القاهرة

وكانت قد تجاوزت الخامسة والثلاثين من العمر، لملمت كل

شجاعتها، وكتبت له أجمل رسالة حب:

التصريح بالحب

(...جبران! لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب.

إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص

والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد

يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم

لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون

الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم،

ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل

القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة.

ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير

وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.

ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به،

ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا

مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط

واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير.

كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري.

الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت

الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام،

ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى.

حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه

الحرية.. أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إن خير للبنت

أن لا تقرأ ولا تكتب.

إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة

فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟ قل لي أنت

ما هو. وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق

بك.. وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير

إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حواليك، يحرسك

ويحنو عليك.

... غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة

الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي

الزهرة، آلهة الحب، أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون

ويتشوقون؟ ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران

واحد، حلو بعيد هو القريب القريب. تكتب إليه الآن

والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن

النور يتبع الظلام، وأن الليل سيخلف النهار، والنهار

سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب

إليها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم

جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد: جبران)





نيويورك 2 كانون الثاني 1914



حضرة الأديبة الفاضلة.
قد فكرت بأمور كثيرة في تلك الشهور الخرساء التي مرت بدون خطاب ولا جواب ولكنه لم يخطر على بالي كونك " شريرة" أما الآن وقد صرّحت لي بوجود الشر في روحك فلا يجمل بي سوى تصديقك فأنا أصدق وأثق بكل كلمة تقولينها لي ! أنت بالطبع تفتخرين بقولك – أنا شريرة – ويحق لك الافتخار لأن الشر قوة تضارع الخير بعزمها وتأثيرها . ولكن اسمحي لي أن أقول لك مصرحاً بأنك مهما تماديت بالشر فلا تبلغين نصف ما بلغته فأنا شرير كالأشباح الساكنة في كهوف الجحيم بل أنا شرير كالروح السوداء التي تحرس أبواب الجحيم ! وأنت بالطبع ستصدقين كلامي هذا !.

غير أنني للآن لم أفهم الأسباب الحقيقية التي دعتك إلى استخدام الشر ضدي فهلا تكرمت بافهامي ؟ قد أجبت على كل رسالة تكرمت بها عليّ واسترسلت متعمقاً بمعاني كل لفظة تعطفت بهمسها في أذني فهل هناك أمر آخر كان يجب عليّ أن أفعله ؟ أو لم تبدعي لي من " لا شيء" ذنباً لتبيني لي مقدرتك على الاقتصاص ؟ لقد فلحت وأحسنت البيان , أما أنا فقد آمنت باقنومك الجديد الكلي المطلق الجامع بين أسياف " كالي" ربة الهند وسهام " ديانا" معبودة الأغريق .

والآن وقد فهم كل منا ما في روح الآخر من الشر والميل إلى الاقتصاص فلنعد إلى متابعة الحديث الذي ابتدأنا به منذ عامين . كيف أنت وكيف حالك ؟ هل أنت بصحة وعافية ( كما يقول سكان لبنان )؟ هل خلعت ذراعاً ثانية في الصيف الماضي أم منعتك والدتك من ركوب الخيل فعدت إلى مصر صحيحة الذراعين ؟ أما أنا فصحتي أشبه شيء بحديث السكران وقد صرفت الصيف والخريف متنقلاً بين أعالي الجبال وشواطئ البحر ثم عدت إلى نيويورك أصفر الوجه نحيل الجسم لمتابعة الأعمال ومصارعة الأحلام – تلك الأحلام الغريبة التي تصعد بي إلى قمة الجبل ثم تهبط بي إلى أعماق الوادي .

وقد سررت باستحسانك مجلة الفنون فهي أفضل ما ظهر من نوعها في العالم العربي , أما صاحبها فهو فتى عذب النفس دقيق الفكر وله كتابات لطيفة وقصائد مبتكرة ينشرها تحت اسم " ليف" ومما يستدعي الإعجاب بهذا الشاب هو أنه لم يترك شيئاً مما كتبه الافرنج إلا وعرفه حق المعرفة . أما صديقنا أمين الريحاني فقد ابتدأ بنشر رواية جديدة طويلة في مجلة فنون وقد قرأ لي أكثر فصولها فوجدتها جميلة للغاية ولقد أخبرت صاحب الفنون بأنك سوف تبعثين إليّ بمقالة ففرح وبات يترقب .

بكل أسف أقول انني لا أحسن الضرب على آلة من آلات الطرب ولكنني أحب الموسيقى محبتي الحياة ولي ولع خاص بدرس قواعدها ومبانيها والتعمق بتاريخ نشأتها وارتقائها , فان ابقتني الأيام سأكتب رسالة طويلة في الدوائر العربية والفارسية وكيفية ظهورها وتدرجها وتناسخها .

ولي ميل للموسقى الغربية يضارع ميلي للأنغام الشرقية فلا يمر أسبوع إلا وأذهب مرة أو مرتين إلى الأوبرا غير أني أفضل من البيان الموسيقي الأفرنجي تلك المعروفة بالسنفوني والسوناتا والكنتاتا على الأوبرا والسبب في ذلك خلوّ الأوبرا من البساطة الفنية التي تناسب أخلاقي وتتمايل مع أميالي . واسمحي لي الآن أن أغبط يدك على عودك وعودك على يدك وأرجوك أن تذكري اسمي مشفوعاً باستحساني كلما ضربت نغم النهوند على الأوتار فهو نغم أحبه ولي رأي فيه يشابه رأي " كارليل في النبي محمد ". ( كارلايل : أديب ومؤرخ انكليزي درس بعضا من العربية في جامعة كمبردج سنة 1795 وكتب عن النبي محمد فصلا ضمنه إعجابه بشخصيته البطولية في مؤلفه " الأبطال , عبادة الأبطال , والبطولة في التاريخ "

وهلا تكرمت بذكري أمام هيبة أبي الهول ؟ عندما كنت في مصر كنت أذهب مرتين في الأسبوع واصرف الساعات الطوال جالساً على الرمال الذهبية محدقاً بالأهرام وكنت في ذلك العهد صبياً في الثامنة عشرة ذا نفس ترتعش أمام المظاهر الفنية ارتعاش الأعشاب أمام العاصفة , أما أبو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي بحزن عذب وندبات مستحبة .

أنا معجب مثلك بالدكتور شميل فهو واحد من القليلين الذين انبتهم لبنان ليقوموا بالنهضة الحديثة في الشرق الأدنى وعندي أن الشرقيين يحتاجون إلى أمثال الدكتور شميل حاجة ماسة كرد فعل للتأثير الذي أوجده الصوفيون والمتعبدون في القطرين مصر وسوريا .

هل قرأت الكتاب الفرنساوي الذي وضعه خير الله افندي خير الله ؟ أنا لم أره بعد وقد أخبرني صديق أن في الكتاب فصل عنك وفصل آخر عني فإذا كان لديك نسختان تكرمي بإرسال نسخة منهما إليّ وأجرك على الله .

ها قد انتصف الليل فليسعد الله مساءك ويبقيك للمخلص ...!!
جبران خليل جبران

____________________________________________________________________


د جبران على رسالة مي ..

"ماألطف قول من قال :

ياميّ عيدك يوم ** وأنتِ عيد الزمان

ما أغرب ماتفعله كلمه واحد في بعض الأحيان , أنها تحوّل الذات الخفيه فينا من الكلام إلى السكوت .. تقولين أنك تخافين الحب ! لماذا تخافينه ؟ أتخافين نور الشمس ؟ أتخافين مدّ البحر ؟ أتخافين طلوع الفجر ؟ أتخافين مجيء الربيع ؟ لماذا ياترى تخافين الحب ؟

أنا أعلم أن القليل في الحب لايرضيكِ , كما أعلم أن القليل في الحب لايرضيني , أنتِ وأنا لا ولن نرضى بالقليل , نحن نريد الكمال ..الكثير , كل شيء !
لاتخافي الحب يارفيقة قلبي , علينا أن نستسلم إليه رغم مافيه من الألم والحنين والوحشه , ورغم مافيه من الألتباس والحيره ..

جبران

ارتاحت مي لهذه اللهجه , وتشجعت على مداعبته في الحديث , والأفضاء إليه بخوالج نفسها وهمومها .. كان همها أن يبقى جبران حبيبها الأوحد لتدوم تلك الشعله الزرقاء منهلاً للنعيم والنور في حياتها . أضحت مي شديدة القلق على صحة جبران في سنوات عمره الأخيره كما يبدوا جلياً في رسائله إليها ,وقد وصف جبران أسلوبها ورسائلها فقال انها

( كالنهر الرحيق الذي يتدفق من الأعالي ويسير مترنماً في وادي احلامي , بل كقيثارة التي تقرّب البعيد وتُبعد القريب , وتحوّل بارتعاشاتها السحريه الحجاره إلى شعلات متقّده , والأغصان اليابسه إلى أجنحه مضطربه )
ربما يكو ن أهل مي وبعض المقربين منها قد أطلعوا على صلتها بجبران في حياتها ,ولكن المرجّح انها كانت حريصه على اخفائها عن الناس جميعاً , وأبقتها سراً دفيناً في نفسها حتى ذلك اليوم الذي فجعت بموته عام 1931م , فبعد انقضاء شهر على وفاته اعترفت ميّ لقرائها بوجود مراسله طويله بينها وبين جبران وذلك في مقاله (جبران خليل جبران يصف نفسه في رسائله) ضمتها فقرات قصيره من رسائله اليها , وعبرت عن حزنها العميق عليه مصّوره غربتها وغربته في الوجود بعبارات موجعه قالت فيها

"حسناً فعلت بأن رحلت ! فاذا كان لديك كلمه أخرى فخير لك أن تصهرها وتثقفّها , وتطهرها لتستوفيها في عالم ربما يفضل عالمنا هذا في أمور شتى..."
وفي ختام تلك القطعه الوجدانيه المؤثره الفائضه بالحب واللوعه واليأس , أعربت ميّ عن شوقها للرحيل , ولكن مشيئة القدر فرض عليها ان تعيش بعد جبران عشر سنوات تقريباً كانت أسؤا مرحله في حياتها , فقد أستبد بها الحزن ..وعاشت في غمرة الأحزان تمزّقها الوحده والوحشه بعد فقده , أصيبت بانهيار عصبي , تبعه انهيار في صحتها , فاعتزلت الناس , أرسلت الى قريب لها في بيروت دكتور جوزيف زياده رساله مؤثره وصفت الآمها وتردّي صحتها , تلك المحنه قادتها الى لبنان موطنها الأصلي وأدخلتها ظلماً الى مصح الأمراض العقليه مما طعنها في كرامتها ,وقضت ثلاث سنوات متنقله بين ( العصفوريه ) كما يسمونه , ومصح دكتور بيريز وبين بيت متواضع , الى أن هبّوا اقاربائها لأنقاذها , وعادت لى القاهره عاشت سنتين ونصف , الى أن ذوت شيئاً فشيئاً ,فتوفيت عام 1941م
وماهو جدير بالذكر ان مي عندما كانت في لبنان اصطحبت رسائل جبران معها , وكانت تلجاً اليها على انفراد , حين يشفّها الوجد , وصوره لجبران كتبت بخطها الى جانب الصوره ...
( وهذه مصيبتي منذ أعوام )

.

نيويورك حزيران – 1919

عزيزتي الآنسة ميّ.

رجعت اليوم من سفره مستطيلة إلى البرية فوجدت رسائلك الثلاث والمقال الجميل الذي تفضلت بنشره في جريدة المحروسة . ولقد علمت من خادمي أن هذه الرسائل بل هذه الثروة الجليلة قد وصلت معاً منذ أربعة أيام . الظاهر أن البريد المصري قد توقف عن اصدار الرسائل من القطر مثلما حجز الرسائل الواردة إليه .

ولقد انصرفت عن كل ما وجدته بانتظاري في هذا المكتب لأصرف نهاري مصغياً إلى حديثك الذي يتمايل بين العذوبة والتعنيف – أقول التعنيف لأنني وجدت في رسالتك الثانية بعض الملاحظات التي لو سمحت لنفسي الفرحة أن تتألم لتألمت منها . ولكن كيف اسمح لنفسي النظر إلى شبه سحابة في سماء صافية مرصعة بالنجوم ؟ وكيف أحول عيني عن شجرة مزهرة إلى ظلّ من أغصانها ؟ وكيف لا أقبل وخزة صغيرة من يد عطرة مفعمة بالجواهر ؟ إن حديثنا الذي أنقذناه من سكوت خمسة أعوام لا ولن يتحول إلى عتاب أو مناظرة , فأنا أقبل بكل ما تقولينه لاعتقادي بأنه يجمل بنا وسبعة آلاف ميل تفصلنا ألا نضيف فتراً واحداً إلى هذه المسافة الشاسعة بل أن نحاول تقصيرها بما وضعه الله فينا من الميل إلى الجميل والشوق إلى المنبع والعطش إلى الخالد . يكفينا يا صديقتي ما في هذه الأيام وهذه الليالي من الأوجاع والتشويش والمتاعب والمصاعب . وعندي أن فكرة تستطيع الوقوف أمام المجرد المطلق لا تزعجها كلمة جاءت في كتاب أو ملاحظة أتت في رسالة. إذا فلنضع خلافاتنا , وأكثرها لفظية – في صندوق من ذهب ولنرمي بها إلى بحر من الابتسامات .

ما أجمل رسائلك يا ميّ وما أشهاها , فهي كنهر من الرحيق يتدفق من الأعالي ويسير مترنماً في وادي أحلامي , بل هي كقيثارة اورفيوس ( شاعر وموسيقي تحدثت عنه أساطير اليونان , سحر بأنغامه وحش الغاب وآلهة الجحيم .) تقرب البعيد وتبعد القريب وتحول بارتعاشاتها السحرية الحجارة إلى شعلات متقدة والأغصان اليابسة إلى أجنحة مضطربة . إن يوماً يجيئني منك برسالة واحدة لهو من الأيام بمقام القمة من الجبل فما عسى أن أقول في يوم يجيئني بثلاث رسائل ؟ ذلك يوم انتحى فيه عن سبل الزمن لأصرفه متجولا في إرم ذات العماد.

وبما أجيب على سؤالاتك؟ وكيف أستطيع متابعة الحديث وفي النفس مالا يسيل مع الحبر ؟ ولكن لا بد من متابعة الحديث . فما بقي صامتاً ليس بالغير مفهوم لديك .

تقولين في رسالتك الأولى " لو كنت أنا في نيويورك لكنت زرت مكتبك الفني في هذه الأيام " أفلم تزوري مكتبي قط ؟ أليس رواء أثواب الذكرى الظاهرة جسد خفي للذكرى ؟ انما مكتبي هيكلي وصديقي ومتحفي وجنتي وجحيمي . هو غاب تنادي فيه الحياة الحياة وهو صحراء خالية أقف في وسطها فلا أرى سوى بحر من رمال وبحر من أثير . إن مكتبي يا صديقي هو منزل بدون جدران وبدون سقف .

ولكن في مكتبي هذا أشياء كثيرة أحبها وأحافظ عليها . أنا مولع بالآثار القديمة وفي زوايا هذا المكتب مجموعة صغيرة من طرائف الأجيال وبعض نفائسها كتماثيل وألواح مصرية ويونانية ورومانية وزجاج فينيقي وخزف فارسي وكتب قديمة العهد ورسوم ايطالية وفرنسية وآلات موسيقية تتكلم وهي صامتة . ولا بد من الحصول يوما ما على تمثال كلداني من الحجر الأسود . إني أميل بكليتي إلى كل شيء كلداني فأساطير هذا الشعب وشعره وصلواته وهندسته بل وأصغر أثر أبقاه الدهر من فنونه وصنائعه ينبّه في داخلي تذكارات غامضة بعيدة ويعود بي إلى الماضي الغابر ويجعلني أرى الحاضر من نافذة المستقبل . أحب الآثار القديمة وأشغف بها لأنها من أثمار الفكرة البشرية السائرة بألف قدم من الظلام نحو النور – تلك الفكرة الخالدة التي تغوص بالفن إلى أعماق البحار وتصعد به إلى المجرة .

أما قولك " ما أسعدك أنت القانع بفنك " فقد جعلني أفتكر طويلاً , لا يا ميّ لست بقانع ولا أنا بسعيد . في نفسي شيء لا يعرف القناعة ولكنه ليس كالطمع , ولا يدري ما السعادة غير أنه لا يشابه التعاسة . في أعماقي خفقان دائم وألم مستمر ولكنني لا أريد ابدال هذا ولا تغيير ذاك – ومن كان هذا شأنه فهو لا يعرف السعادة ولا يدري ما هي القناعة ولكنه لا يشكو لأن في الشكوى ضرباً من الراحة وشكلاً من التفوق .

وهل أنت سعيدة وقانعة بمواهبك العظيمة ؟ أخبريني يا ميّ هل أنت قانعة وسعيدة ؟ أكاد أسمعك هامسة : " لا لست بقانعة ولا أنا بسعيد " إن القناعة هي الاكتفاء والاكتفاء محدود وأنت غير محدودة .
أما السعادة فهي أن يملأ المرء نفسه من خمرة الحياة ولكن من كان كأسه سبعة آلاف فرسخ بالطول و سبعة آلاف فرسخ بالعرض لا ولن يعرف السعادة حتى تنسكب الحياة بكاملها في كأسه . أفليس كأسك يا ميّ سبعة آلاف فرسخ وفرسخ ؟

وماذا أقول عن " جوي المعنوي؟" لقد كانت حياتي منذ عام أو عامين لا تخلو من الهدوء والسلامة أما اليوم فقد تبدل الهدوء بالضجيج والسلامة بالنزاع . إن البشر يلتهمون أيامي ولياليّ ويغمرون أحلامي بمنازعهم ومراميهم فكم مرة هربت من هذه المدينة الهائمة إلى مكان قصيّ لأتخلص من الناس ومن أشباح نفسي أيضاً . إنما الشعب الأماركي جبار لا يكل ولا يمل ولا يتعب ولا ينام ولا يحلم , فإذا بغض هذا الشعب رجلا قتله بالإهمال وإذا أحبه قتله بالانعطاف فمن شاء أن يحيى في نيويورك عليه أن يكون سيفاً سنيناً ولكن في غمد من
العسل : السيف لروع الراغبين في قتل الوقت والعسل لارضاء الجائعين !

وسوف يجيء يوم أهرب فيه إلى الشرق . إن شوقي إلى وطني يكاد يذيبني ولولا هذا القفص الذي حبكت قضبانه بيدي – لاعتليت متن أول سفينة سائرة شرقاً . ولكن أي رجل يستطيع أن يترك بناءً صرف عمره بنحت حجارته وصفّها ؟ حتى وإن كان ذلك البناء سجناً له فهو لا يقدر أو لا يريد أن يتخلص منه في يوم واحد .

سامحيني أيتها الصديقة العزيزة فقد أزعجتك بالكلام عن نفسي وبشكواي من أمور أدعى إلى الجهاد منها إلى التذمر .

إن استحسانك " المواكب" قد جعلها عزيزة لديّ . أما قولك بأنك ستستظهرين أبياتها فمنّة أحني أمامها رأسي , غير أنني أشعر بأن حافظتك خليقة بقصائد أسمى وأبلغ وأنبل من كل ما جاء في المواكب , بل ومن كل ما كتبته وأكتبه . وأما قولك في رسوم الكتاب " أنتم أهل الفن تبرزون هذه البدائع بقوى أثيرية احتفظتكم عليها ملوك الجوزاء فنأتي بغباوتنا أشقياء مظلومون ونحن بها أشقياء خاسرون " فكلام لا أقبله بل إني استميحك بالتمرد عليه و ( ما أكثر تمردي) – أنت يا ميّ منا وفينا . بل وأنت بين بنات الفن وأبنائه كالوردة بين أوراقها . إن ما جاء في مقالتك التي نشرت في " المحروسة" عن رسوم المجنون لأكبر دليل على شعور فني عميق وفكرة خاصة دقيقة وبصيرة نفاذة ترى ما لا يراه غير القليل من الناس . ولست بمبالغ إذا قلت بأنك أول صبية شرقية مشت في غابة " الأخوات التسع ( إشارة إلى الآلهات التسع في الميثولوجيا الاغريقية المشرفات على الآداب والفنون وقد عرفن بأسماء عديدة في عصور التاريخ القديم .) بقدم ثانية ورأس مرفوع وملامح منفرجة كأنها في بيت أبيها . ألا فأخبريني كيف عرفت كل ما تعرفين وفي أي عالم جمعت خزائن نفسك وفي أي عصر عاشت روحك قبل مجيئها إلى لبنان ؟ إن في النبوغ سراً أعمق من سر الحياة .

وأنت تريدين أن تسمعي ما يقوله الغربيون عني , فألف شكر لك على هذه الغيرة وهذا الاهتمام القومي . لقد قالوا الشيء الكثير وكانوا مبالغين في أقوالهم متطرفين في ظنونهم متوهمين وجود الجمل في وكر الأرنب . ويعلم الله يا صديقتي بأنني ما قرأت شيئاً حسناً عني إلا ونحت في قلبي . إن الاستحسان نوع من المسؤولية يضعها الناس على عواتقنا فتجعلنا نشعر بضعفنا . ولكن لا بد من المسير حتى ولو قوّص الحمل الثقيل ظهورنا , ولا بد من استنباط القوة من الضعف . أنا باعث إليك في غلاف آخر بشيء من أقوال الجرائد والمجلات وستعلمين منها أن الغربيين قد ملوا أشباح أرواحهم وضجروا من ذواتهم فأصبحوا يتمسكون بالغريب الغير مألوف خصوصاً إذا كان شرقياً . هكذا كان الشعب الأثيني بعد انقضاء عصره الذهبي . لقد بعثت منذ شهر أو أكثر بمجموعة من أقوال الصحف في المجنون إلى اميل زيدان ( تولى رئاسة تحرير مجلة الهلال سنة 1914 التي أسسها والده الأديب العلامة جرجي زيدان .) وهو بالطبع من أصدقائك .

أحمد الله وأشكره على انقضاء الأزمة عندكم . ولقد كنت أقرأ أخبار تلك المظاهرات فأتخيلك هائبة فأهاب , مضطربة فاضطرب . ولكنني كنت أردد في الحالين قول شكسبير :

Do not fear our person .
There’s such divinity doth hedge a king
That treason can but peep to what it would
Acts little of his will .
لا تخافي منا
فالملك تحيط به هالة من القداسة
وليس في مقدور الخيانة
أن تبلغ ما ترمي إليه
أو تحد من عزيمته

وأنت يا ميّ من المحروسين وفي نفسك مَلَكٌ يحميه الله من كل مكروه .
وتسألين ما اذا كان لكم من صديق في ربوعنا ؟

أي والحياة وما في الحياة من حلاوة جارحة ومرارة مقدسة إن لكم في ربوعنا صديقاً إرادته تدافع عنكم ونفسه ترغب في الخير لكم وابعاد السوء عنكم وتحميكم من كل أذى . وقد يكون الصديق الغائب أدنى وأقرب من الصديق الحاضر . أفليس الجبل أكثر هيبة وأشد وضوحاً وظهوراً لسائرٍ في السهل منه لساكنيه ؟

ها قد غمر المساء هذا المكتب بوشاحه فلم أعد أرى ما تخطه يدي . وألف تحية لك وألف سلام عليك والله يحفظك ويحرسك دائماً .

صديقك المخلص
جبران خليل جبران

___________________________________________________________________ 

رساله قصيره ...من جبران خليل جبران

عزيزتي الانسه ميّ ..

إني باعث اليك بأول نسخه بلغت يدي من كتاب " المواكب " (1) الذي صدر اليوم , وهو كما تجدينه , حلم لم يزل نصفه ضباباً , والنصف الاخر يكاد يكون جسماً محبوباً , فإن استحسنت فيه شيئا تحوّل هو إلى حقيقه حسنه , وأن لم تستحسني فيه شيئاً عاد إلى الضباب بجملته .
وألف تحيه وسلام إلى روحك الطيبه والله يحفظك ويحرسك .



(1)
المواكب من القصائد القليله التي اتبع جبران في نظمها الوزن والقافيه وقد ذيّلها بمجموعه من الرسوم معبراً عن خطراته الفلسفيه في كل من الشعر والرسم , ونشرت عام 1919م ونقدتها مي في مجلة الهلال المصريه
______________________________________________________________


أو لستى أنتى أيضاً يامى غريبة عن هذا العالم ؟ ألست بالحقيقة غريبة عن محيطك وعن كل ما في محيطك من الأغراض والمنازع و المآتي والمرامي ؟ أخبريني ، أخبريني يا مي هل في هذا العالم كثيرون يفهمون لغة نفسك ؟ كم مرة يا ترى لقيتِ من يسمعك وأنت ساكتة ويفهمك وأنت ساكتة ويطوف معك في قدس أقداس الحياة وأنت جالسة قبالته في منزل بين المنازل ؟

أنت وأنا من الذين حباهم الله بالأصدقاء والمحبين والمريدين الكثيرين . هل بينهم من يعرف أن وراء أغانينا أغنية لا تسجنها الأصوات ولا ترتعش بها الأوتار ؟ هل بينهم من يعرف الفرح في كآبتنا والكآبة في فرحنا ؟

 ________________________________________________________________

تقولين لي " أنت فنّي وفيلسوف وأنت شاعر ويجب عليك أن تكون سعيداً مقتنعاً لأنك فنّي وشاعر "

ولكن يا مي أنا لست بفني ولا بشاعر . قد صرفت أيامي وليالي مصوراً وكاتباً ولكن " أنا " لست في أيامي ولياليَّ .


أنا ضباب يا مي . أنا ضباب وفي الضباب وحدتي وفيه وحشتي وانفرادي وفيه جوعي وعطشي . ومصيبتي أن هذا الضباب ، وهو حقيقي ، يشوق إلى لقاء ضباب آخر في الفضاء . يشوق إلى استماع قائل يقول " لست وحدك ، نحن اثنان ، أنا أعرف من أنت "
....

اخبريني ، اخبريني يا صديقتي ، أيوجد في هذا العالم من يقدر ويريد أن يقول لي " أنا ضباب آخر أيها الضباب ، فتعال نخيم على الجبال وفي الأودية . تعال نسير بين الأشجار وفوقها ، تعال نغمر الصخور المتعالية . تعال ندخل معاً إلى قلوب المخلوقات وخلاياها ، تعال نطوف في تلك الأماكن البعيدة المنيعة الغير معروفة " قولي لي يا مي ، أيوجد في ربوعكم من يريد ويقدر أن يقول لي ولو كلمة واحدة من هذه الكلمات ؟

وأنتِ تريدين أن ابتسم " وأعفو "

لقد ابتسمت كثيراً منذ هذا الصباح . وها أنا ابتسم في أعماقي ، وابتسم في كليتي ، وابتسم طويلاً وابتسم كأنني لم أخلق إلا للابتسام .



أما " العفو" فكلمة هائلة فتاكة جارحة أوقفتني مخجولاً متهيباً أمام الروح النبيلة التي تتواضع إلى هذا الحد ، وجعلتني أحني رأسي طالباً منها العفو . أنا وحدي المسيء . قد أسأت في سكوتي وفي قنوطي لذلك استعطفك أن تغتفري ما فرط مني وتسامحيني
 
 

Monday, 22 April 2013

علشان ماليش غيرك - فريد الأطرش من فيلم نغم فى حياتى


ليلى مراد .. ليه خلتنى احبك


يامسافر وناسي هواك


Laila Mourad بحب اتنين سوا


ليلى مراد يا أعز من عيني


من بعيد .. ليلى مراد


فيلم الماضي المجهول ليلى مراد .. سلم على



يا بهيه ليلى مراد


اغاني فيلم سيدة القطار يا بهيه ليلى مراد 

اغاني فيلم سيدة القطار يا بهيه
إنتاج 1952
سيناريو وإخراج
يوسف شاهين
قصة وحوار
نيروز عبد الملك
بطولة
ليلى مراد
عماد حمدي
يحى شاهين
سراج منير

1 يا بهيه وخبريني يا بوي

2 من بعيد يا حبيبي أسلم

3 يا صغيره يا واخده نور عيني

4 دور يا موتور

5 خمسه خميسه بيك ودوسه

6 بعد غيبه يا روحي طويله

Saturday, 20 April 2013

I will miss you - Cairo Time


Cairo Time Original Soundtrack - Juliette is Happy




Juliette (Patricia Clarkson), a magazine editor, travels to Cairo to meet her husband, Mark (Tom McCamus), a UN official working in Gaza, for a three week vacation. When he is unavoidably delayed, he sends his friend Tareq (Alexander Siddig), who had been his security officer for many years, to escort her throughout the beautiful and exotic city. The last thing anyone expects is that they will fall in love.

Cairo Time is a love letter to a city intertwined with a love story about a woman. It began when Syrian-Canadian writer/director Ruba Nadda first visited Cairo with her family many years ago. Returning a decade ago with one of her sisters, (and no longer under the protective eye of her father) they had memorable adventures. "The city was beautiful and the people were beautiful," Nadda recalled. Having lived in Damascus, and subsequently traveled the world, Nadda never forgot the grandeur and the chaos of this ancient city that was originally settled in Paleolithic times. Sitting at the border of what was once Upper and Lower Egypt, the area that was to become the metropolis of Cairo has played host to the Greeks, Romans, Crusaders, the Ottomans, Napoleon, and the British and is now one of the most densely populated cities in the world. "I remember the city being alive. It's gritty and historical and seething with humanity and I just had to capture it on screen." Truly, a journey through Cairo is a journey through time and it awakens your soul.

It was during Nadda's many trips to international film festivals with her 14 short films and her previous feature, Sabah, that she came to appreciate the feelings of introspection and melancholy that traveling alone engenders. From these experiences came Cairo Time, something Nadda deems a "real love story, but one that is very un-West because to me the West is about acquiring, accomplishing, deadlines and running, running, running. The central character, Juliette, is suddenly forced to slow down and move on Cairo time." This film has a West-meets-East quality to the unexpected, unrequited love between an Arab man and a North American woman. It's also a throw to old style, classic films reminiscent of the restrained, emotional tension in the work of Jane Austen.

Juliette is a woman who married young and still ardently loves her husband, Mark, who works abroad. Their children have grown up and moved away. Life, doing what it usually does to a marriage, has replaced their hopes and dreams with accomplishment and responsibilities. In the back of her head, Juliette had thought that sooner or later, she and her husband would have time for each other, which was the reason for her trip to Cairo.

"I love this woman," explained Nadda. "She is quiet. And she has a sadness that's just under the surface which comes from a lifetime of being by herself a lot because she's been stood up by a husband whose work has often taken priority."

Unable to meet Juliette when she lands, but knowing that she is an independent woman who is likely to head off on her own, Mark asks Tareq to care for her. For years, Mark had trusted Tareq with his own life, so it made sense to extend that trust to Juliette's wellbeing.

Once at the hotel, Juliette is alone again. Unwilling to wait quietly for her husband's arrival, every effort she makes to venture out on her own is rebuffed. Cairo is not a gentle city. With a population of 17 million, the noise is unbearable. The heat, mixed with dust, is oppressive. Traffic does not adhere to lanes or stop lights. And women, particularly foreigners, do not easily move about in public alone. Quickly, Juliette learns that the simple activities of everyday living in Canada, like walking across the street, become a test of wills in Cairo. And so she turns to Tareq who shows her first, Cairo, and then herself.

 
http://www.youtube.com/watch?v=NrbptUfoQDI


Cairo Time


Friday, 19 April 2013

Almost a Whisper - Song by Yanni



"Almost A Whisper"
By :
Michelle Amato


The sound of holding on - almost a whisper
The sigh of broken hearts - a quiet cry
The rain upon your face
Brings gravity and grace
And softly you begin to breath again

I don't have all the answers to your sad prayers
But if I could I'd give you angel's wings
To go where hope is found
With strength to reach beyond
And carries like a song upon the wind

Please don't give up
Please don't you give up
Cause I believe
Yes, I believe
I still believe... in us

The sound of holding on - almost a whisper
The sigh of broken hearts - a quiet cry
The rain upon your face
Brings gravity and grace
And softly you begin to breath again

Neil Diamond & Barbara Streisand, You Don't Bring Me Flowers






 "You Don't Bring Me Flowers"

You don't bring me flowers
You don't sing me love songs
You hardly talk to me anymore
When you come through the door
At the end of the day

I remember when
You couldn't wait to love me
Used to hate to leave me

Now after lovin' me late at night
When it's good for you
And you're feeling alright
Well, you just roll over
And you turn out the light

You don't bring me flowers anymore

It used to be so natural
To talk about forever
But 'used to be's' don't count anymore
They just lay on the floor
'Til we sweep them away

And baby, I remember
All the things you taught me
I learned how to laugh
And I learned how to cry
Well I learned how to love
Even learned how to lie

You'd think I could learn
How to tell you goodbye
'Cause you don't bring me flowers
Anymore

Well, you'd think I could learn
How to tell you goodbye
'Cause you don't bring me flowers
Anymore

Thursday, 18 April 2013

ظواهر




الجاثوم - Incubus :
هل شعرت يوما وانت نائم بعدم قدرتك على الحركة ؟ أو اصبت بهلوسات مخيفة، شعرت فيها بأنك مستيقظ ولكنك لا تستطيع الحراك ؟!
الكثير يفسرونة على انة عبارة عن شلل يحدث أثناء النوم وذلك بسبب أستيقاظنا فى حركة العين السريعة .. فى حين أن ألية أرتخاء العضلات لم تكن قد توقفت بعد فيسبب هذا شلل فى اليقظة يستمر لثوان أو عدة دقائق ..

ظاهرة الديجافو - Deja Vu :
أحيانا يمر عليك موقف وتشعر بأنه قد مر عليك سابقا مثال تسافر لمكان لأول مرة في حياتك وتدخل مطعم مع أصدقائك وتجلسون إلى الطاولة وتتناولون عشائكم بينما تتناقشون في موضوعٍ ما وفجأة دون مقدمات ينتابك الشعور بأنك قد مررت بهذه اللحظة (بكل ما فيها)

ظاهرة - dop :
تعرف تلك الظاهرة بأختفاء الأغراض ثم عودتها فجأة !!
دائما ما يحدث معنا بأننا نلاحظ أختفاء غرض ما بشكل مفاجىء وغريب ويبذل الشخص كل جهده في البحث عن الغرض المفقود هنا وهناك وبعد وقت قصير أو ربما في اليوم التالي يتفاجأ الشخص بالعثور على الغرض المفقود وإذ به عاد إلى مكانه الذي يحفظ فيه عادة أو أنه عاد إلى مكان معروف كان من المفترض أن محاولات البحث الحثيثة التي بذلت للعثور عليه أن تأتي به .

الحدس - Intuition :
هل فكرت يوماً فى أن شيئاً جيد أو سئ سيحدث وحدث بالفعل؟ أو ألغيت مشروعاً أو أمراً ما بدون سبب محدد لشعورك بخطب فيه، وأكتشفت بعد ذلك أن آثاره على حياتك إذا نفذ كانت ستكون وخيمةً ؟ أو قررت قراراً لا يستند على قناعاتك لإحساسك الشديد بالراحة تجاهه .هذا هو الحدس ..وهو عبارة عن شعور غريب ينتاب الشخص فجأة.
.

Tuesday, 16 April 2013

ألم



أشعر كأن مصاص دماء قد شرب كل دمى وروحى ولم يعد بى طاقة للوجود
كيف نستبيح الدماء ؟؟
ازاى الناس بتقسى وازاى بتجرح الناس الناس ؟؟

نحن من نتألم
نحن من نسمح للألم ان يحفر أخاديده على ملامحنا وفى روحنا
نحن نتألم بايدينا
لأننا نصدق ونستقبل الألم
كل ماعلينا فعله هو ان نخلع جلودنا كما نخلع ملابسنا
أن نمحو خطوط الألم ونغسلها بمطهر النسيان
نغتسل بماء البحر
 نغرق فى بحر الحياة
وننسى الألم ونموت فى الحياة 

وتبقى الجروح والدموع هى دليلنا وعلاماتنا  أننا مازلنا على قيد الحياة



عمر خيرت Omar Khairat - ''Slovenia'' - 2008


ام كلثوم - كل ليلة و كل يوم - حفلة


HELEN KELLER & ANNE SULLIVAN - MEMORIES


Monday, 15 April 2013

حرية




مافائدة أن أتحرر وأكشف عن ذاتى .. ان كنت سأنفى فى غياهب الانكار والرفض
مافائدة أن أتحرر اذا كنت هاآخد على دماغى

أين تكون الحرية ان لم تسمعنى
انا حرة فى أى فضاء
كلنا أحرار فى أى فضاء لايحوى الا.. الفرد الواحد
وهذه لاتسمى حرية وانما هى وحدة وانعزال
الحرية اولها عندى وتبدأ عندك
الحرية هى عندما اكون معك .. اكون انا فى وجودك
أن تتقبلنى حر
تسمح لى ان أفرد جناحى 
تسمح لى أرفع صوتى
أغضب
أثور
أضحك
أسخر
أخطئ
أندم
الحرية ليست فى ثرثرة وصخب فى الفراغ .. هذا نوع آخر من الموت
الحرية تكون امام القيود
أن نكسر قيود النفس والأنا والآخر فينا
أن نتحرر من أغلال الكذب والظلم ونبصر سوءاتنا ولانكرهها ولانخجل منها
أن تقبلنى وأقبلك
!!!!
وهذا مافشلنا فيه
!!!!
؟؟؟؟؟؟؟؟

Saturday, 6 April 2013

طيبون



لا للتضحية ( العرجاء ) ! وإعدام الذات الإرادي
والطيبه الغبيه
وإلزام النفس بما لا يلزم
كل هذا حتى يُسعَد الآخرون
وأبدو شخصا رائعاً في أعينهم
ليس بالضروره أن يحبك كل
الناس
وليس فرضاً عليك أن تلبي
رغبات الكل
هرولة منهكة نحو إرضاااء
الآخرين ..
وخوف مهلك منهم حتى لا
نوصف - بأننا غير لطفاء

تفريط بحقوقنا وعبث بأولوياتنا
فقط حتى يقال :
. . طيبون

لذلك
سنفعل ما في قدرتنا
سنعطي غيرنا مالايرهقنا
سننام لأننا متعبون
لن نمدح غيرنا فوق ما يستحق
لن ننتظر غيرنا ليحادثنا
سنغيب لأننا مشغولون
لن نرحب بغيرنا بحراره 

وهم
لا يعجبوننا أو لا نعجبهم


د. ميسره الطاهر

Wednesday, 3 April 2013

الوهم الأكبر

 
 
الأوهام حولك فى كل مكان ..
و الحل الوحيد أمامك هو أن تكون سيد هذه الأوهام ..
و أن تصنعها بيدك ...

دنيانا غريبة .. و حياتنا مصنوعة من الوهم .
الواقع حولنا جامد ميت عديم المعنى .. و نحن الذين نعطيه المعنى و القيمة و الأهمية ..
نجعله ينبض بالحياة ..

الكراسي و الأشجار و الحيوانات و النساء و الفواكه .. تظل أشياء لا معنى لها حتى نحبها و نشتهيها و نطلبها و نجري وراءها .. فتنبض بالأهمية و الحياة ..

المرأة تظل كمية مهملة .. تظل غير موجودة فى حياتنا تماماً .. حتى نحبها فتوجد ..
و تصبح شيئاً مهما .. يسعدنا و يشقينا ..
نحن الذين نعطيها القيمة و الأهمية ثم نحبها .. و فى الحقيقة نحب الوهم الذى خلقناه منها و لا نحبها فى ذاتها ..

و نحن الذين نسبغ الخطر على الأشياء ثم نخاف منها و نجزع ..
و في الحقيقة نفزع من الخطورة التى أسبغناها عليها .. و ليس منها لذاتها

لا شيء له قيمة في ذاته .. كل شئ زائل ..
و نحن الذين نعطيه قيمته و أهميته .. ثم نتألم و نتعذب من أجل هذه الأهمية المزعومة .

نفنَى فى حب الأشخاص .. و الأشخاص الذين نفنَى فيهم .. زائلون فانون بطبيعتهم ..
و هذا أمر مضحك .. و لكنه لا يضحكنا ..و إنما يبكينا و يعذبنا ..
لأن غرضنا يلتبس علينا ..
فنحب الأشخاص .. على حين أننا فى الحقيقة نحب المعاني التى تصورناها فى هؤلاء الأشخاص .

و نحن مساكين .. لأننا لا نجد فى الحياة شيئاً خالصاً صافياً ..
لا نجد معاني خاصة صافية .. المعانى دائماً مزروعة في أشخاص ..
و الأوهام مزروعة فى الحقائق .. و التصور مزروع فى الواقع ..

و نحن أنفسنا .. مزروعين فى أجسادنا ..

نحن نسيج غريب من الوهم و الحقيقة .. من الواقع و التصور .. من الوجود و الفناء ..

نحن الوهم الأكبر .. و العذاب الأكبر ..


د. مصطفى محمود . .
من كتــاب / الأحـــلام