لكل عمري مرايا
بقلم : فاروق جويدة
|
|
|
مازلت أركض في حمي كلماتي
الشعر تاجي والمدي ملكاتي
أهفو الي الزمن الجميل يهزني
صخب الجياد.. وفرحة الرايات
مازلت كالقديس أنشر دعوتي
وأبشر الدنيا بصبح آت
مازلت كالطفل الصغير اذا بدا
طيف الحنان يذوب في لحظات
مازلت أعشق رغم أن هزائمي
في العشق كانت دائما مأساتي
وغزوت آفاق الجمال ولم يزل
الشعر عند أجمل الغزوات
واخترت يوما أن أحلق في المدي
ويحوم غيري في دجي الظلمات
***
كم زارني شبح مخيف صامت |
|
كم دار في رأسي وحاصر ذاتي
وأظل أجري ثم أهرب خائفا
وأراه خلفي زائغ النظرات
قد عشت أخشي كل ضيف قادم
وأخاف من سفه الزمان العاتي
وأخاف أيام الخريف إذا غدت
طيفا يطاردني علي المرآة
مازلت رغم العمر أشعر أنني
كالطفل حين تزورني هفواتي
عندي يقين أن رحمة خالقي
ستكون أكبر من ذنوب حياتي
سافرت في كل البلاد ولم أجد
***
قلبا يلملم حيرتي وشتاتي
كم لاح وجهك في المنام وزارني
وأضاء كالقنديل في شرفاتي
وأمامي الذكري وعطرك والمني
وجوانح صارت بلا نبضات
ما أقصر الزمن الجميل سحابة
عبرت سنين العمر كالنسمات
وتناثرت عطرا علي أيامنا
وتكسرت كالضوء في لحظات ما أصعب الدنيا رحيلا دائما
سئمت خطاه عقارب الساعات
آمنت في عينيك أنك موطني
وقرأت اسمك عند كل صلاة
***
كانت مرايا العمر تجري خلفنا
وتدور ترسم في المدي خطواتي
شاهدت في دنس البلاط معابدا
تتلي بها الآيات في الحانات
ورأيت نفسي في الهواء معلقا
الأرض تلقيني الي السموات
ورأيت أقدار الشعوب كلعبة
يلهو بها الكهان في البارات
ورأيت أصناما تغير جلدها
في اليوم آلافا من المرات
ورأيت من يمشي علي أحلامه
وكأنها جثث من الأموات
***
ورأيت من باعوا ومن هاجروا
ومن صلبوا جنين الحب في الطرقات
آمنت بالانسان عمري كله
ورسمته تاجا علي أبياتي
هو سيد الدنيا وفجر زمانها
سر الاله وأقدس الغايات
هو إن سما يغدو كنجم في السماء
واذا هوي ينحط كالحشرات
هل يستوي يوم بكيت لفقده
وعذاب يوم جاء بالحسرات
هل يستوي صبح أضاء طريقنا
وظلام ليل مر باللعنات
هل يثوي نهرا بخيلو جاحد وعطاء نهر فاض بالخيرات
أيقنت أن الشعر شاطئ رحلتي
وبأنه عند الهلاك نجاتي
فزهدت في ذهب المعز وسيفه
وكرهت بطش المستبد العاتي
وكرهت في ذهب المعز ضلاله
وخشيت من سيف المعز مماتي
ورفضت أن أحيا خيالا صامتا
أو صفحة تطوي مع الصفحات
واخترت من صخب المزاد قصائدي
ورفضت سوق البيع والصفقات
قد لا يكون الشعر حصنا آمنا
لكنه مجد بلا شبهات
والان أشعر أن آخر رحلتي
ستكون في شعري وفي صرخاتي
***
تحت التراب ستختفي ألقابنا
لا شئ يبقي غير طيف رفات
تتشابك الأيدي وتنسحب الرؤي
ويتوه ضوء الفجر في الظلمات
وتري الوجوه علي التراب كأنها
وشم يصافح كل وشم آتي
ماذا سيبقي من بريق عيوننا
لا شئ غير الصمت والعبرات
ماذا سيبقي من جواد جامح
غير البكاء المر.. والضحكات
***
أنا زاهد في كل شيء بعدما
اخترت شعري واحتميت بذاتي
زينت أيامي بغنوة عاشق
وأضعت في عشق الجمال حياتي
وحلمت يوما أن أراك مدينتي
فوق السحاب عزيزة الرايات
ورسمت أسراب الجمال كأنها
بين القلوب مواكب الصلوات
قد قلت ما عندي ويكفي أنني
واجهت عصر الزيف بالكلمات |
|
|
|
|
|
|
|
|
No comments:
Post a Comment